شهدت عملة الإيثريوم (Ether) ارتفاعًا حادًا يقارب 30% خلال الأسبوع الحالي، وهو أقوى أداء أسبوعي تسجّله منذ عام 2021. ويعزى هذا الصعود القوي إلى تلاقي عدة عوامل، أبرزها التطورات التقنية على مستوى الشبكة، والأحداث التنظيمية والاقتصادية الداعمة، إضافةً إلى حركة تحركات كبار المستثمرين. وفيما يلي تحليل لأهم هذه العوامل:

الأسباب الرئيسية للقفزة

• تطوير الشبكة – ترقية Pectra: أدت التحديثات التقنية الحديثة إلى زيادة التفاؤل حول مستقبل الإيثريوم. فقد أتمّت الشبكة مؤخرًا ترقية Pectra التي تهدف إلى تحسين كفاءة المعاملات وخفض الرسوم، بالإضافة إلى رفع سقف الستاكينغ (المقابلة لـ EIP-7251) وتبني آليات الـaccount abstraction. ويُعتقد أن هذه التحسينات تعزز من مكانة الإيثريوم كمحور للتطبيقات اللامركزية، مما جذب اهتمام المستثمرين.

• الظروف التنظيمية والاقتصادية: ساهمت المستجدات الاقتصادية والسياسية في تحسين المناخ العام. فقد أشار تقرير بلومبرج إلى أن تهدئة التوترات التجارية العالمية (لا سيما الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة وبريطانيا) عززت شهية المخاطرة وساهمت في الارتفاع. كما دعمت سياسات تنظيمية متقبلة للعملات الرقمية هذا الصعود: ففي الولايات المتحدة مثلاً أُجاز تداول عقود خيارات على صناديق إيثريوم المتداولة (ETFs)، ويُنتظر قريباً السماح لهذه الصناديق بعمليات الستاكينغ مباشرة. وتشير بيانات Farside Investors إلى أن صناديق المؤشرات المدعومة بالإيثريوم جذبت نحو 2.4 مليار دولار منذ إطلاقها في 2024، مما يدل على تدفق استثماري مؤسسي قوي. على الصعيد الأوروبي، وضعت بريطانيا خططًا لسن تنظيمات شاملة للعملات الرقمية تحت مظلة ضوابط مشابهة للأسواق المالية التقليدية.

• نشاط كبار المستثمرين (الحيتان): لوحظ تزايد تراكم الحيتان وصناديق المؤشرات الكبيرة للإيثريوم خلال الأسابيع الأخيرة. بيانات منصة Santiment تُظهر أن عدد محافظ “الحيتان” التي تملك 1000–10000 إيثريوم صعد إلى أعلى مستوى له منذ أغسطس 2023، وهو مؤشر على ثقة المستثمرين الكبار في العملة على المدى الطويل. كما عززت تداولات المعاملات المؤسسية (مثل صناديق المؤشرات) هذا الضغط الشرائي. باختصار، يجتمع التأثير الإيجابي للترقية التقنية والدعم التنظيمي والدخول المؤسسي، مسهما جميعًا في دفع الإيثريوم للصعود الحاد خلال الأسبوع الماضي.

مقارنة بأداء العملات الأخرى

سار الإيثريوم في الركب العام للارتفاعات الذي شهده سوق العملات الرقمية. فعلى سبيل المثال، ارتفعت بيتكوين بنحو 1.7% خلال نفس الفترة، فيما حققت عملات أخرى زيادات ملحوظة بلغت مرتبتين رقميتين. وفيما يلي مقارنة بالأداء التقريبي لأهم العملات الرقمية خلال الأسبوع:

تبيّن المقارنة أن الإيثريوم تفوّق على صعود بيتكوين وجميع العملات الرئيسية الأخرى في تلك الفترة. بينما شهدت العملات الكلاسيكية الأخرى مكاسب متوسطة (مثلاً سولانا +8%، دوغكوين +10%)، بقيت عملات الاستقرار على حالها دون تغير يذكر.

آراء المحللين والتوقعات المستقبلية

تُعكِس آراء المحللين المختصين مزيجًا من التفاؤل والحذر بالنسبة لمسار الإيثريوم قصير ومتوسط الأجل:

• فالنتين فورنييه (BRN): أكد أن الزخم الصعودي قوي وقد يستمر في المدّ الأوسع للأسواق المشفرة. وهو ما يعني أن هذه الموجة ربما تجذب مشترين جدد.

• مينغ جونغ (Presto Research): أشار إلى أن ترقية Pectra “عززت بعض الثقة” في الإيثريوم، خصوصًا وأنه متخلف نسبيًا عن بيتكوين منذ بداية 2024.

• CryptoQuant (تقرير بحثي): حذّر من أن نشاط الشبكة على إيثريوم ظل ضعيفًا مقارنة بفترة 2021، مما يشير إلى أن تعافي السعر نحو القمم السابقة قد لا يكون وشيكًا رغم الارتفاع الحالي.

• Flowdesk (تحليل سوق): لاحظت أن أسواق العملات الرقمية بدأت تستعيد زخمها مع اختراق البيتكوين مستوى 100 ألف دولار، وأن المستثمرين ينتقلون من حالة الحذر إلى البحث عن "عملات عالية العائد"، وهو ما يشمل الإيثريوم وصناديق المؤشرات المرتبطة به.

• مارش تشينغ (Byzantine Capital): شدد على أن صعود الإيثريوم غالبًا ما يمهّد لصعود واسع في سوق العملات البديلة (Altcoins)، مما يعزز دلالة الارتفاع الأخير على انتعاش في الطلب العام على الأصول الرقمية.

• محللو بيانات الأسواق (مثل Cyclop via CoinGlass): نوّهوا بأن مايو تاريخيًا هو أفضل شهر للإيثريوم (متوسط عائد شهري ~27.4%)، وتوقع بعضهم وصول السعر إلى نحو 2500$ بنهاية الشهر إذا استمر الزخم.

بشكل عام، يتفق عدد من المحللين على تفاؤل حذر – إذ إن التحولات التقنية والتنظيمية تُنْظر إليها على أنها إيجابية لأجل المدى القصير. ومع ذلك، يلفت البعض الانتباه إلى إحجام استثمارات المواطنين وسوق التداولات الحالية عن القمم السابقة، وهو ما يضفي عنصرًا من الحذر على التوقعات المتوسطة المدى.

يوضح الرسم البياني الأسبوعي أدناه تطوّر سعر الإيثريوم مقابل الدولار خلال الفترة الأخيرة (من أبريل وحتى أوائل مايو 2025). ونلاحظ في المخطط صعودًا حادًا في السعر بدءًا من نحو 1800 دولار بنهاية أبريل، ليقترب من 2000 دولار مع بداية الأسبوع الحالي، ثم يلامس مستويات 2300–2400 دولار مع نهاية هذا الأسبوع. تُعزى هذه القفزة السريعة إلى العوامل المشروحة أعلاه؛ فالأسواق استقبلت التحديثات التقنية والترتيبات التنظيمية بإيجابية دفعت بالطلب على الإيثريوم للارتفاع الحاد.

من منظور عام، يشير مجمل هذه المعطيات إلى أن الإيثريوم يتمتع بدفع صاعد قوي على المدى القريب، مدعومًا بالتحديثات الهيكلية والثقة المؤسسية. ومع ذلك، يبقى من المهم مراقبة تطورات حجم التداول والنشاط الفعلي على الشبكة، بالإضافة إلى أي تغييرات مفاجئة في سياسات الاقتصاد الكلي أو الشدّ التنظيمي، التي قد تؤثر في مسار السعر مستقبلاً.

المصادر: تقارير إخبارية وتحليلية من Bloomberg وCoinDesk وCointelegraph وReuters وغيرها. (تم تلخيص المعلومات بالاعتماد على هذه المراجع الموثوقة.)